تخطي للذهاب إلى المحتوى

الشفافية في العمل الخيري | كيف نبني الثقة مع المجتمع؟

22 أبريل 2025 بواسطة
Raaed Hamad

الشفافية هي الأساس لبناء الثقة بين المجتمع والجمعيات الخيرية. في بيئة الأزمات الإنسانية مثل سوريا، تكتسب الشفافية أهمية أكبر لضمان توجيه المساعدات لمستحقيها واستمرار الدعم. رغم أن العمل الخيري في سوريا يستند إلى نوايا حسنة، إلا أن الشفافية تلعب دورًا رئيسيًا في ضمان استمرارية الثقة، تفادي الفساد، ومنع إساءة استخدام الموارد.


الشفافية لا تعني فقط الإفصاح عن الأمور المالية، بل تتعلق بمشاركة المعلومات بوضوح حول كل جانب من جوانب العمل الخيري. هذا يشمل كيفية جمع التبرعات، كيفية تخصيص الأموال، ومراقبة تنفيذ المشاريع، وأي تحديات أو عراقيل تواجه تنفيذ العمل. الشفافية المالية جزء أساسي، لكنها ليست الوحيدة. الشفافية تشمل أيضًا عمليات صنع القرار، آلية اختيار المستفيدين، وطريقة تقييم الأثر الناتج عن المشاريع الإنسانية.


عندما تغيب الشفافية، تتأثر ثقة المتبرعين والمجتمع المحلي بشكل كبير. من المتوقع أن يشعر المتبرعون بعدم اليقين حول كيفية استخدام أموالهم، مما قد يؤدي إلى تقليص التبرعات أو حتى توقفها. بالنسبة للسكان والمستفيدين، غياب الشفافية يمكن أن يؤدي إلى الشكوك حول عدالة توزيع المساعدات، مما قد يعزز الشعور بالتمييز أو الإقصاء. في بيئة مثل سوريا، حيث الأزمات مستمرة والحاجات متزايدة، يصبح عدم الشفافية عقبة رئيسية أمام استدامة الدعم والمصداقية.


هناك عدة أنظمة ومنصات للتبرع تطبق مبادئ الشفافية بنجاح حول العالم، منها:

1. منصة "GoFundMe": تتيح هذه المنصة للمتبرعين متابعة استخدام أموالهم ومعرفة أين وكيف يتم صرف التبرعات. يُطلب من أصحاب الحملات تحديث المتبرعين بشكل دوري عن التقدم المحرز، مما يعزز الثقة والشفافية.

2. منصة "Charity Navigator": تقوم بتقييم وتصنيف الجمعيات الخيرية بناءً على مدى شفافيتها واستخدامها الفعال للموارد المالية. هذا التصنيف يمنح المتبرعين أداة موثوقة لتحديد الجمعيات التي تتعامل بشفافية.

3. منظمة الصليب الأحمر: تعتمد على إصدار تقارير دورية حول مواردها المالية وكيفية إنفاقها، بالإضافة إلى تقييم الأثر لكل مشروع. هذه التقارير متاحة للجمهور وتساهم في تعزيز الشفافية والمساءلة.


 هل يمكن أن تتحول الشفافية إلى مدخل لاتهام المنظمات؟

نعم، في بعض الأحيان قد تُستخدم الشفافية بشكل غير صحيح، مما يجعل المنظمات عرضة للاتهامات. إذا أسيء استخدام المعلومات المتاحة أو تم تفسيرها بشكل خاطئ، قد يتم اتهام الجمعيات بالخداع أو الفساد، حتى وإن كانت تعمل بنزاهة. لهذا السبب، يجب أن تكون الشفافية متوازنة ومبنية على معلومات دقيقة ومفهومة بشكل جيد، ويجب توضيح أي تحديات تواجهها المنظمة بشكل شفاف وصريح مع المتبرعين والمستفيدين.


في ظل الأوضاع الصعبة في سوريا، يمكن تطبيق الشفافية من خلال عدد من الوسائل المتاحة:

1. تقارير دورية وعلنية: إصدار تقارير مالية وتقارير تقدم المشاريع بشكل دوري، يتم فيها توضيح كيفية استخدام التبرعات والموارد، مع عرض الإنجازات والتحديات التي تواجهها المشاريع.

2. التواصل المستمر مع المتبرعين: استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو الرسائل البريدية لإبقاء المتبرعين على اطلاع بتقدم المشاريع والأثر الذي تُحدثه تبرعاتهم. التواصل الدائم يعزز الشفافية ويبني الثقة.

3. إشراك المجتمع المحلي: إنشاء لجان محلية لمراقبة توزيع المساعدات وتقييم أداء المشاريع. هذا يعزز الشفافية من خلال إتاحة الفرصة للسكان ليكونوا جزءًا من عملية التقييم والمتابعة.

4. توفير آليات الشكاوى والاقتراحات: تقديم قنوات آمنة ومباشرة لتلقي شكاوى واقتراحات المستفيدين حول كيفية توزيع المساعدات أو تنفيذ المشاريع. هذه الآليات تساعد في تعزيز الشفافية والمساءلة.


الشفافية في العمل الخيري هي جسر الثقة بين المنظمات والمجتمعات المستفيدة والمتبرعين. في سوريا، حيث تعتمد حياة الأشخاص على العمل الإنساني، تصبح الشفافية أكثر من مجرد مطلب، بل هي ضرورة لضمان الاستدامة والتأثير الإيجابي. من خلال تطبيق أنظمة شفافة وفعالة، يمكن بناء جسور الثقة التي تحتاجها الجمعيات للاستمرار في تقديم الدعم والمساعدة للمستفيدين بشكل كريم وعادل.


رائد حمد

22-01-2025