تخطي للذهاب إلى المحتوى

التواصل مع المستفيدين | كيف نحترم كرامة الإنسان في تقديم المساعدة؟

22 أبريل 2025 بواسطة
Raaed Hamad

العمل الخيري ليس مجرد تقديم المساعدات المالية أو العينية، بل هو عملية تحسين حياة الأفراد والمجتمعات من خلال تلبية احتياجاتهم الأساسية وضمان كرامتهم. المستفيدون من هذا العمل الخيري لا يجب أن يُنظر إليهم كمتلقين سلبيين، بل كأفراد لهم حقوق وكرامة ينبغي احترامها. في الإسلام، يرتبط العمل الخيري بتعزيز الكرامة الإنسانية، وليس الحط منها أو التباهي بالصدقات. وكما قال الله تعالى في كتابه الكريم: "الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منًّا ولا أذًى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون" (البقرة: 262). هذه الآية تذكرنا بأهمية تقديم المساعدة دون منٍّ أو أذى، بل مع حفظ كرامة المستفيد.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى"، مما يشير إلى أن نية المتصدق يجب أن تكون خالصة لوجه الله، وليس من أجل الشهرة أو التفاخر على حساب المستفيدين.


من أمثلة الاعتداء على كرامة المستفيدين:

1. التصوير العلني أثناء تلقي المساعدات دون أخذ إذنهم أو مراعاة مشاعرهم.

2. الإعلان عن أسماء المستفيدين أو تفاصيل حياتهم الشخصية بغرض الترويج للمشروع الخيري.

3. التحدث بشكل متعالي أو مهين مع المستفيدين أثناء تقديم المساعدة أو معاملتهم وكأنهم أقل شأنًا.

هذه التصرفات قد تترك أثراً نفسياً سلبياً على المستفيدين، وتجعلهم يشعرون بالعجز أو الإهانة، وهو ما يتعارض مع المبادئ الإسلامية التي تدعو إلى حفظ الكرامة.


نشر معلومات المستفيدين، سواء كان ذلك عبر الصور أو الأسماء أو تفاصيل حياتهم، يمكن أن يشكل انتهاكًا لخصوصيتهم وكرامتهم. هذا النوع من الانتهاك قد يؤدي إلى:

1. استغلال المستفيدين من قبل أطراف أخرى أو التمييز ضدهم في مجتمعاتهم.

2. تعريضهم للحرج أو الإهانة، خاصة في البيئات التي تحكمها تقاليد اجتماعية صارمة.


لذلك، ينبغي أن تكون هناك سياسات واضحة تمنع نشر أي معلومات شخصية عن المستفيدين دون موافقتهم الصريحة.


تحقيق الشفافية في العمل الخيري لا يعني بالضرورة الكشف عن هويات المستفيدين أو تفاصيلهم الشخصية. يمكن توجيه الجهود نحو تقديم تقارير توضح الأثر العام للمشاريع الخيرية، مع الحفاظ على خصوصية المستفيدين. من الممكن عرض النتائج والإحصائيات والمعلومات المتعلقة بالتحديات والنجاحات دون الحاجة إلى التعرض لكرامة الأشخاص.

كما ان المحتوى الإعلامي يمكن أن يركز على قصص النجاح بشكل عام أو استخدام صور رمزية بدلًا من الصور المباشرة للمستفيدين، لضمان احترام كرامتهم وفي نفس الوقت توصيل الرسالة الإنسانية للجمهور.


لتجنب انتهاك كرامة المستفيدين، يجب على المنظمات الخيرية تبني سياسات وإجراءات تضمن:

1. الحصول على موافقة المستفيدين قبل نشر أي معلومات أو صور تخصهم.

2. توفير تدريب للفرق الميدانية حول كيفية التعامل باحترام مع المستفيدين.

3. استخدام تقارير شفافة وغير شخصية لعرض أثر المشاريع دون الإضرار بخصوصية المستفيدين.

4. تخصيص فرق متابعة للتأكد من أن جميع الممارسات الميدانية تحترم كرامة وحقوق المستفيدين.


الثقة هي حجر الزاوية في العلاقة بين المتبرع والمستفيد. عندما يرى المتبرع أن المساعدات تصل بالفعل لمن يحتاجها وتُقدم بطريقة تحفظ الكرامة والخصوصية، يزداد الإقبال على التبرع. ومن جهة أخرى، يشعر المستفيد بالاحترام ويصبح أكثر تعاونًا مع المنظمات الخيرية.


في النهاية، التبرع هو حق للفقير وليس تفضلاً، ودورنا هو تقديم المساعدة بطريقة تحفظ كرامة الإنسان وتعزز الشعور بالإنسانية المتبادلة.


رائد حمد

29-01-2025